الإثنين، 21-09-2020
07:35 م
مشعل أبا الودع الحربي
السقوط هو تعبير يستعمل في
الفيزياء للإشارة إلى حركة جسم بتأثير قوة
الجذب التي تسحبه نحو مركز الأرض، أو هو عملية انتقال الشيء من مكان إلى آخر أخفض منه بما أن الأشياء كلها في بحث دائم عن مركز استقرار مستمر.
و للسقوط أنواع أخرى لا نعيرها انتباها، و هي بمثابة
السقوط الأول من حيث المضمون و تختلف معه في الشكل فقط.
من بين هذه الأشكال المتعددة يوجد
السقوط من
العين... و هو عندما تتدهور علاقتك مع أحدهم بعد أن ألحق بك كل أنوار الضرر النفسي... عندما تذهب كل الوعود في مهب الريح و تستبدل جلدها لتتحول إلى نفاق مستمر... عندما تخلو العلاقة من الحماس و الدهشة التي رافقتها في البداية فتتحول إلى علاقة راكدة تطفو على السطح... عندما تفقد هذه الأخيرة الاحترام يسقط الطرف المسئول من أعلى درج من سلم التقدير ، و تسقط بذلك كل التوقعات و الأحلام التي كانت مرتقبة و ذلك الشخص، و للناس في ذلك مذاهب ، كل و كيف تكون ردة فعله حينها.
أما
السقوط الثاني فهو سقوك من
الذاكرة ، بحيث يتدحرج بعض الناس عرفناهم في زمن مضى و جمعتنا و إياهم ظروف خاصة إلى نسيانهم ... عندما تقل اللقاءات تدريجيا و تغيب الوجوه عن
العين ، فتميل بشكل عفوي إلى الانصهار في
الذاكرة ، و تغيب كليا عن أفكارنا، و هي لم تترك لنا ما يذكرنا بها و ما يغطي ذاكرتنا المشوشة بالدفء بين الفينة و الأخرى... ألم يقولوا أن أصحاب الهدايا يرغبون في الخلود في ذاكرتك إلى الأبد؟
و يأتي النوع الأخر و هو
السقوط من
الوجدان ، حيث يتنكر القلب لذلك الشخص و ينضب... يفرغ كل آثاره منه و يتخلى عن تلك المودة و المحبة التي كانت تزين الفؤاد ، و تتغير الأقنعة لتستبدل بأخرى محايدة...
وهنا يختلف الأمر بين
البشر ، نظرا لما يتحكم في ذلك من تجارب متراكمة و تربية و وعي و طريقة في التفكير و في تحليل الأمور، كلها عوامل تتحكم في ردود أفعالنا و تحدد المنهج الذي سنتخذه للتعامل مع المتغيرات من حولنا... و منه فسبل تسلق القلوب مختلفة، فبعض القلوب يلزمها العطاء و التضحية المادية و المعنوية، و بعضها يلزمها الخضوع و الاستسلام، و أخرى يلزمها التوافق و الالتحام، و البعض الآخر يلزمها الانسجام و التزاوج في الأفكار.
و بعد، فكيفما كان نوع
السقوط بكل المعاني السلبية التي ترافقه ، تربط بين كل أنواعه علاقة ترابط و استلزام، ف
السقوط من
العين يؤدي إلى
السقوط من القلب و بعدها من
الذاكرة بشكل تام... و ذلك لا يعطي للأمر خاصية القاعدة ، فأحيانا قد يسقط الإنسان من القلب و رغم ذلك يفرض عليك الاستمرار في احترامه و تقديره.
و يبقي أسوأ سقوط هو عندما يسقط الإنسان من
العين و لكن القلب لا يجد لذلك مخرجا ، فيبقى متصلبا فيه لا ينفك عن مغادرته... فهل الزمن كفيل بمحو كل الأثار أم أن الحب خالد لا يؤمن بفصل التقادم؟