الثلاثاء، 31-12-2019
11:50 م
المصريون ووكالات
حاول مئات من مقاتلي فصائل شيعية مقربة من إيران ومدنيين موالين لهم، الثلاثاء، اقتحام السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد احتجاجاً على قصف الولايات المتحدة لمقاتلي كتائب "حزب الله" العراقي قبل يومين، وهو ما زاد من تعقيد الأوضاع المتأزمة بالبلاد.
بدأ الأمر عندما شيع الآلاف من مقاتلي "الحشد الشعبي" ومدنيين موالين لهم قتلى القصف الجوي الأمريكي على كتائب "حزب الله" في الانبار (غرب) يوم الأحد، ثم ساروا إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين وصولاً إلى السفارة الأمريكية دون أن يعترض أحد طريقهم.
وبدأ الآلاف من المحتجين رشق السفارة بالحجارة ورددوا شعارات مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية من بينها "الموت لأمريكا" و"الله أكبر.. أمريكا الشيطان الأكبر".
وسرعان ما عمدت السفارة إلى إجلاء موظفيها من المجمع وأبقت على بعض الجنود الذين يتولون مهام الحراسة.
ووسط غياب قوات الأمن العراقية، تطور الموقف سريعاً باقتحام العشرات السور الخارجي لمجمع السفارة وإضرام النيران في بوابتين وأبراج المراقبة والكرفانات التي تستقبل المراجعين، قبل أن ينسحبوا إلى خارج أسوار السفارة.
وأطلق حراس السفارة، وهم قوة مؤلفة من قوات عراقية وأمريكية، قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لإبعاد المحتجين، فيما حامت المروحيات الأمريكية في الأجواء في ساعات المساء.
وشهدت الاحتجاجات حضور قيادات بارزة في فصائل الحشد الشعبي المقربة من إيران وعلى رأسها هادي العامري زعيم تنظيم "بدر" وقيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق"، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.
ورغم قدوم تعزيزات أمنية عراقية إلى الموقع إلا أنها لم تتدخل لإبعاد المحتجين كما أن سيارات الأطفاء لم تظهر في المكان وظلت النيران مشتعلة في بوابتي السفارة لساعات.
وقالت هيئة الحشد الشعبي في بيان، إن حراس السفارة استخدموا "الرصاص" ضد المحتجين ما أدى لإصابة 62 منهم بجروح، دون تحديد فيما إذا كانت الرصاص مطاطياً أو حياً.
وبعد ساعات من بدء الاضطرابات، طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي المحتجين بالابتعاد عن السفارة.
وقال عبد المهدي في بيان، إن "أي إعتداء أو تحرش بالسفارات والممثليات الأجنبية هو فعل ستمنعه بصرامة القوات الأمنية وسيعاقب عليه القانون بأشد العقوبات".
من جانبه، ندد الرئيس العراقي برهم صالح بمحاولة اقتحام السفارة، في بيان صادر عنه، قال فيه، إن "محاولة اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد يعد تجاوزاً للسياقات والاتفاقات الدولية الملزمة للحكومة العراقية".
وأضاف موضحًا أن "التعرض إلى البعثات الدبلوماسية المعتمدة في العراق يعد ضرباً لمصالح العراق وسمعته الدولية"، داعياً المحتجين إلى "الانسحاب من السفارة ومقترباتها وعدم تصعيد الموقف".
بدوره، قال رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، في تغريدة، إن "محاولة اقتحام السفارة الأمريكية والاعتداء على مقرها سلوك غير مقبول يضر بمصالح العراق العليا ويسيء لصورة شعبنا".
وينوي المحتجون الاعتصام أمام السفارة لحين إغلاقها نهائياً وطرد السفير من البلاد، في وقت قررت فيه الولايات المتحدة إرسال قوات عسكرية لحماية سفارتها.
وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، الثلاثاء، إن بلاده بصدد إرسال قوات إضافية إلى سفارتها في بغداد، ودعا الحكومة العراقية إلى المساعدة في حماية الأمريكيين.
وأضاف إسبر في بيان "اتخذنا إجراءات حماية مناسبة لضمان سلامة المواطنين والعسكريين والدبلوماسيين الأمريكيين في هذا البلد، ولتأكيد حقنا في الدفاع عن النفس".
وتابع قائلا، "مثلما هو الحال في كل البلدان، نعتمد على قوات الدولة المضيفة في المساعدة في حماية أفرادنا، وندعو الحكومة العراقية إلى تحمل مسؤولياتها الدولية لفعل هذا".
بدوره اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران بالوقوف وراء الاحتجاجات.
وقال ترامب على تويتر "قتلت إيران متعاقدا أمريكيا وأصابت كثيرين. قمنا بالرد بقوة وسنفعل ذلك دوما. الآن تنسق إيران هجوما على السفارة الأمريكية في العراق. نحمّلهم المسؤولية كاملة. وإضافة إلى ذلك نتوقع أن يستخدم العراق قواته لحماية السفارة وأبلغناهم بذلك".
وأجرى ترامب مكالمة هاتفية مع عبد المهدي دعاه خلالها إلى حماية الأمريكيين والمنشآت الأمريكية على الأراضي العراقية.
فيما أفادت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، أن كل الأمريكيين بالسفارة آمنون وأنه لم يتم اقتحام المنشأة، مضيفة أن السفير الأمريكي في العراق مات تولر كان في رحلة سفر خاصة معدة سلفا منذ أكثر من أسبوع وأن التقارير التي ذكرت أنه أُجلي من السفارة غير صحيحة.
وأضافت الخارجية الأمريكية أن السفير في طريق العودة إلى السفارة وأنه لا توجد خطط لإخلائها.
وتأتي الاحتجاجات ضد هجمات جوية شنتها القوات الأمريكية، الأحد، على كتائب "حزب الله" العراقي، وهي أحد فصائل الحشد الشعبي، في محافظة الانبار، ما أدى إلى مقتل 28 مقاتلاً من الكتائب وإصابة 48 آخرين بجروح.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، في بيان الأحد، إن هذه الضربات تأتي ردا على هجمات صاروخية شنتها الكتائب على قواعد عسكرية عراقية تستضيف جنودا ودبلوماسيين أمريكيين قتل خلال أحدها مقاول مدني أمريكي قرب مدينة كركوك شمالي العراق.
ويتهم مسؤولون أمريكيون إيران، عبر وكلائها من الفصائل الشيعية العراقية، بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنودا ودبلوماسيين أمريكيين في العراق، وهو ما تنفيه طهران.
ويتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، وهما حليفتين لبغداد، وسط مخاوف من تحول العراق إلى ساحة صراع بين الدولتين.
وينتشر نحو خمسة آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي. -