الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 22:16 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

رفعت السعيد في ذكراه.. لماذا يكره الإسلاميين؟!

كما مرت ذكرى وفاة المفكر الإسلامي الكبير وأستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة د. محمد يحيي، بدون أن يتذكره أحد بمن فيهم الإسلاميون.. مرت أيضا ذكرى وفاة المفكر اليساري الكبير د. رفعت السعيد، بدون أن يتذكره أحد، بمن فيهم اليساريون!
واللافت أن الاثنين (الإسلامي واليساري) توفيا في شهر أغسطس: الأول عام 2014 والثاني عام 2017!!
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح بمناسبة "السعيد" هو : لماذا كان الراحل رفعت السعيد معاديًا للإسلاميين عمومًا والإخوان خصوصًا؟!.. الإجابة التى استقرت فى الضمير الإسلاموي، هى الإجابة السهلة المنتجة داخل حضانات المظلومية: سيقولون بلا تردد لأنه يكره الإسلام!!.
الإجابة على هذا النحو، هى فى فحواها الحقيقى، "فتوى بتكفيره" وما يترتب عليها من استحقاقات شرعية بحسب رؤية وتصور مفتى التنظيم أو الجماعة.. أو شخصيات وقيادات تنظيمية غير مؤهلة للفتوى أصلاً.. يعتقدون بحلول الدين "الإسلام" فى الجماعة.. وتوحده فى شخص القيادات أو فى أعلى سلطة وفى الرتب التنظيمية الأقل درجة!.
كان العجب يأخذ الإسلاميين كل مأخذ، حينما وجدوا الدولة تخصص حراسة خاصة لرفعت السعيد!! وعزوها إلى انحيازه إلى الدولة التى "تضطهد" الإسلاميين!! ونسوا أنهم أى الإسلاميين هم الذين منحوه هذه "الأبهة البرتوكولية": موكب أثناء سيره فى الشوارع، وحراس شداد غلاظ يحيطون به على أية منصة اعتلاها، مدججين بأسلحة تثير فى النفوس فزعًا وهيبة وأهمية وعلو منزلة!.
الدولة لا تحمى كل رجالها.. غير أن مقتل فرج فودة والاعتداء على نجيب محفوظ، أكد أن السعيد كان عرضة لتهديدات إرهابية حقيقية.
لم يكن السعيد وحده الذى عادى الإسلاميين، وكرس كل حياته للتصدى لهم.. فالتيار العلمانى كله، كان على ذات الهدى والسنة اليسارية.. فيما لم يخرج الإسلاميون من الصندوق الذى حُبسوا فيه لعقود طويلة، ليسألوا بتجرد: لماذا يكرهوننا؟!
وظلوا على "حالهم" المثير للشفقة.. يكرهوننا لأنهم يكرهون الإسلام!!.. ولم يلتفتوا إلى سؤال آخر وبسيط: لماذا لا نكون نحن السبب وليس الإسلام؟!.
مشكلة عامة ومستقرة فى الوعى الجمعى الإسلاموى.. ينسحب أيضًا على سؤال العلاقة مع الغرب، إذ لا يزال الإسلاميون يستبطنون سنوات الحروب الصليبية، حين يعتقدون أن العالم يعاديهم أو يكرههم فقط لأنهم مسلمون أو لكراهية العالم للإسلام ذاته.. ولم يسألوا لماذا لا يكون السبب فينا كمسلمين وليس الإسلام كدين؟!.
عندما تكتلت كل القوى المدنية، ضد الرئيس الأسبق د.محمد مرسي، وتوج الخروج عليه بعزله من منصبه، عزا الإسلاميون ذلك إلى "كراهية" القوى المدنية للإسلام.. بذات المنطق الحلولى عند الصوفية في نسختها المتطرفة: حلول الإسلام فى شخص الرئيس الإسلامى!!.
مشكلة التيار العلمانى المصرى ليس مع الإسلام كدين، فغالبيتهم يصلون ويصومون ويحجون ويعتمرون ويتصدقون ولهم مواقف إنسانية تفوق أحيانًا أو فى بعضها إنسانية نشطاء إسلاميين.. مشكلتهم هى مع الإسلاميين كبشر.. يعتقدون أنهم قوى دينية فاشية واستئصالية.. اعتقاد يحتاج إلى تصحيح وإلى إثبات عكسه.. وهو من مسئولية الإسلاميين، وعليهم أن يواجهوا هذا التحدى بشجاعة.