الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 16:09 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

بعد 7 سنوات من تجليسه

البابا تواضروس.. مطفئ للحرائق أم مشعل أزمات؟

تواضروس

سعى إلى تفويت الفرصة على مشعلى الحرائق.. وأزمة تجليس الأنبا مكاريوس الأبرز

تحتفل الكنيسة القبطية بمرور 7 سنوات على جلوس البابا تواضروس الثانى بطريركًا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، البابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة.

مر وصول البابا تواضروس إلى قيادة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بثلاث محطات، لعل أبرزها القرعة الهيكلية، وفى تمام الساعة الخامسة من صباح يوم 4 نوفمبر 2012 كان البعض يتلهف لمعرفة من هو البطريرك الجديد، حتى تم وضع شاشة عملاقة أمام الكنيسة ليتمكن الرهبان وبعض الزوار الذين توافدوا علىَّ الدير من مشاهدة طقس قداس القرعة الهيكلية بشكل مباشر.

إلى أن حانت لحظة اختار الطفل الصغير الورقة والتى أعلن عنها الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريركى حينئذ باختيار الأنبا تواضروس ليكون بابا الكنيسة، قام ومعه بعض الرهبان بالتوجه إلى قلاية البابا تواضروس فى مبنى الرهبان، وهى قلايته منذ أن كان راهبًا وقرع أحد الرهبان باب القلاية، لكنه لم يفتح، فقام الآباء بفتح الباب بالقوة من خلال الدفع، وكان معه فى القلاية سائقه الخاص "ملاك".

وهنأه محافظ البحيرة بتقلد المنصب البابوي ليكون أول محافظ يقدم التهنئة، وتوجه إلى القلاية للكنيسة الأثرية بزفة، ثم توجه إلى مزار البابا الراحل شنودة الثالث للصلاة، وجلس فى صالة الضيافة لتلقى التهنئة حتى حضر الأنبا باخوميوس القائم مقام برفقة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس الدير وكل أعضاء المجمع المقدس، حيث توجه الجميع إلى المقر البابوى فى الدير.

أزمات وانتقادات

واستقبل الملايين من الأقباط الخبر بفرح، الذين كانوا يترقبون من البابا الجديد أن يقوى ظهرهم، عبر فتح الملف القبطى الذى يوجد به مشاكل متراكمة كانوا ينتظرون حسمها.

تولى البابا تواضروس المنصب البابوي تزامن مع الظروف السياسية العصيبة التي شهدتها البلاد، وعمل على إرساء دعائم السلام داخل الوطن ووحدته، وعدم السماح لأي أحد بنشر الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.

فيما سعت الكنيسة في عهده إلى توطيد العلاقة مع القيادة السياسية، لتكون علاقة الدولة بالكنيسة فى أفضل صورها، وهو ما ظهر بوضوح من خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للكاتدرائية لتقديم التهنئة بعيد الميلاد المجيد، إلى جانب افتتاح كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الإدارية الجديدة بالتزامن مع افتتاح مسجد "الفتاح العليم" فى مشهد أبهر كل المتابعين من مختلف أنحاء العالم.

غير أن ذلك لا ينفي اختلاف بعض الأقباط على إدارة البابا تواضروس للمرحلة العصيبة التى تمر بها البلاد، وانتقاده التصريحات التى يطلقها فى أوقات قد تتعارض مع الرأى العام القبطى، وقد تصطدم بالتغييرات التى مر بها الشعب القبطى عقب ثورتين، إلا أن الإصلاحات التي أطلقها الأديرة بعد حادث مقتل الأنبا إبيفانيوس، نالت استحسان غالبية الأقباط.

وهو صاحب المقولة الشهيرة: "وطن بلا كنائس، خير من كنائس بلا وطن"، والتى قيلت فى أعقاب تعرض العديد من الكنائس في مصر خلال مرحلة ما بعد الإطاحة بحكم "الإخوان المسلمين"، ووجهت أصابع الاتهام فيها إلى الجماعة والموالين لها، ما أثار انتقادات بين الأقباط، إذ اعتبروا كلامه موافقة ضمنية على غلق بعض الكنائس بسبب خضوعها للتقنين بعد صدور قانون بناء الكنائس.

تجليس الأنبا مكاريوس

من الأزمات التي واجهها البابا تواضروس، تجليس الأنبا مكاريوس أسقفًا على المنيا، ما أثار جدلاً بين الأقباط، بعدما أبدى البابا رغبته في تقسيم الأبراشية إلى اثنين أو ثلاثة عقب وفاة الأنبا أرسانيوس.

وأكد البابا تواضروس أنه تم تأجيل تجليس الأنبا مكاريوس الأسقف العام لإيبارشية المنيا، الذى خدم قرابة الـ 15عامًا جاء بشكل مؤقت حتى وضع الشكل النهائى للخدمة بالتزامن مع جلسات سيمنار المجمع المقدس، الأمر الذى أثار حفيظة الأقباط معتبرين أن هناك تعنتًا من عدم تجليس الأنبا مكاريوس المحبوب لدى قطاع عريض بالمجتمع القبطى.

وتم تجليس الأب متياس الإنطونى بأبو قرقاص، الأكثر طاعة والأقرب للبابا تواضروس، وبدا الأمر معقدًا بعد منع الأنبا مكاريوس بعض القساوسة من التظاهر لأجله، وحاولت أطراف خارجية تصوير الأمر أنه صراع داخلى دائر يتعلق بنيه البابا تواضروس الحقيقة تجاه الأنبا مكاريوس والتفاف الشعب القبطى حوله نظرًا لتفانيه فى الخدمة ووجوده الدائم بجوار من يتعرض للتميز الطائفى، فهو لا يسعى لتجميل الصورة بقدر نشر الحقيقة، فيما يبتعد البابا تواضروس عن التعليق فى الأمور ذات الجدل.

لجنة المراجعة الإيمانية  

يواجه البابا تواضروس، انتقادات وشائعات تتعلق بقبوله معمودية الكاثوليك، وعدم مواجهة الكتب والمدارس اللاهوتية التى حادت عن الإيمان، والتى تقدم بها الأنبا بنيامين مطران المنوفية والأنبا موسى أسقف الشباب، والأنبا أغاثون أسقف مغاغة والأنبا مايكل الأسقف العام بأمريكا بطلب رسمي، أعده الأساقفة الأربعة وقدموه قبل أيام من انعقاد اللجان التحضيرية للمجمع المقدس، بينما لم يحرك 128 أسقف ورئيس دير من أعضاء المجمع المقدس ساكنًا.

وتضمن 85 ملاحظة كأحد الحلول بالتدخل من المجمع المقدس للتصدى للمخالفات التى تمس الكنيسة وعقائدها، وانضمت إلى المذكرة التى قدمها الأنبا موسى بصفته مقرر لجنة الإيمان والتعليم والتشريع.

إذ أصدر الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة والعدوة، قرارًا بتشكيل لجنة التعليم والإيمان والعقيدة بالإيبارشية، فى سابقة الأولى من نوعها فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

نفي الانشقاقات

فى مارس الماضى، نفت الكنيسة وجود انشقاقات فى المجمع المقدس أو أى تحركات ضد البابا تواضروس داخل الكنيسة كما يروج البعض بعد انتشار حملة مشبوهة تسمى "كلمة منفعة" على "يوتيوب" لعزل البابا تواضروس الثانى، والقيام بحملة لجمع التوقيعات ليس لها أى تأثير بين الأقباط بغرض التشكيك فى القيادة الكنسية.

وكانت هذه أصعب تحديات المحطات بعد احتواء أزمة الأنبا مايكل والأنبا أغاثون من جهة، والبابا تواضروس من جهة أخرى، بعد إعلان الكنيسة رسامة القمص سيرافيم السريانى، أسقفًا عامًا بأمريكا، وتجليس الأنبا كاراس، أسقفًا على بنسلفانيا، الأمر الذى اعتبره الأسقفان اعتداءً على اختصاص الأنبا مايكل عام 2017.