بعد مفاوضات واجتماعات دامت قرابة 8 سنوات، توصلت مصر وإثيوبيا والسودان خلال الاجتماعات التي تشهدها واشنطن برعاية أمريكية إلى اتفاق مبدئي حول تحديد إجراءات ملء السد وطريقة تشغيله، إلى جانب الاتفاق على الاجتماع يومي 28 و29 يناير في واشنطن للتوصل لاتفاق نهائي شامل.
وأعطى ذلك أملاً بقرب التوصل إلى حل للأزمة القائمة، بعد ما وصلت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الدول الثلاث إلى طريق مسدود؛ بسبب التعنت الإثيوبي، وعدم استجابته لكافة المقترحات والآراء التي قدمتها مصر بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
ونشر موقع وزارة الخزانة الأمريكية، عبر موقعه، الاتفاق المبدئي حول تحديد إجراءات ملء سد النهضة الإثيوبي، وعلى مراحل.
وقال، إن وزراء مياه إثيوبيا والسودان ومصر أكدوا خلال مباحثاتهم في واشنطن «التقدم الذي تم تحقيقه خلال 4 اجتماعات فنية وجلستين سابقتين».
وجرت المباحثات بين الفرقاء الثلاثة برعاية وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، ورئيس البنك الدولي، ديفيد ملباس، اللذين شاركا في المحادثات بصفة مراقبين.
وجاء في البيان أن الوزراء حددوا عدة نقاط خاصة بإجراءات ملء سد النهضة، مع الإشارة إلى أنه يجب تنسيقها في اتفاق نهائي.
واتفقوا على أن «ملء سد النهضة الكبير الإثيوبي سيجري على مراحل بصورة مشتركة وقابلة للتكييف مع الظروف، تأخذ بعين الاعتبار الظروف المائية في النيل الأزرق والتبعات المحتملة للملء بالنسبة إلى الاحتياطيات المائية لدول المصب».
وأوضح البيان أن «الملء سيجري في أثناء الموسم الرطب، عادة من يوليو حتى أغسطس، مع استمرار العملية في سبتمبر مع تنفيذ شروط معينة».
وأضاف أنه «ستوفر مرحلة الملء الأولي للسد الوصول السريع لمستوى 595 مترًا فوق مستوى سطح البحر والتوليد المبكر للكهرباء ، مع توفير تدابير تخفيف مناسبة لمصر والسودان في حالة الجفاف الشديد خلال هذه المرحلة».
وبحسب البيان فإن «المراحل اللاحقة لعملية الملء ستنفذ وفقًا لآلية سيتم تنسيقها، ويحدد تصريف المياه بناء على الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق ومستوى سد النهضة، الذي يلبي أهداف إثيوبيا ويضمن توليد الكهرباء والإجراءات المناسبة لتخفيف الآثار بالنسبة لمصر والسودان خلال سنوات القحط والجفاف والجفاف المستمر».
كما اتفق الوزراء على الاجتماع يومي 28 و29 يناير في واشنطن للتوصل إلى اتفاق شامل حول سد النهضة.
وعلى مدار 8 سنوات دخلت مصر والسودان وإثيوبيا في أكثر من 20 اجتماع على المستوى الوزاري وعشرات الاجتماعات الفنية والزيارات المتبادلة بين الثلاث دول دون نتيجة.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، إن البيان الختامي الصادر عن اجتماع واشنطن تضمن المحددات الرئيسية للاتفاق النهائي حول سد النهضة.
وأشار في بيان، إلى أن هذه المحددات تشمل القواعد المُنظمة لملء وتشغيل السد، إضافة إلى الإجراءات الواجب اتباعها "بما يؤمن عدم الإضرار بالمصالح المائية المصرية".
وذكر أن الوزير سامح شكري أعرب لوزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين عن تقديره لرئاسته ورعايته للاجتماعات، مؤكدًا اعتزام القاهرة مواصلة العمل من أجل إبرام اتفاق نهائي حول سد النهضة خلال اجتماع واشنطن المُقبل.
وقال الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن النقاط التي نشرتها وزارة الخزانة الأمريكية، لم تقدم جديدًا في حسم النقاط الخلافية، بل قدمت تأجيلًا لاجتماع آخر في نهاية الشهر الجاري بطريقة دبلوماسية.
وأبدى في تعليق إلى «المصريون»، ملاحظاته على هذه البنود أو النقاط، قائلاً: «النقطة الأولى بشأن تنفيذ عملية الملء على مراحل للأسف لم توضح آلية التنفيذ في الملء، سوى وضع مبادئ عامة غير محددة قابلة للخلاف في المستقبل، كما أن كيفية الملء الأول والمتكرر لم تحدد، ما يعني أنها سوف تكون حسب مبادئ عامة غير محددة وقابلة للخلاف».
وأضاف: «البند الثاني أورد أنه سيتم الملء خلال موسم الأمطار عامة من يوليو إلى أغسطس، وسوف يمتد إلى سبتمبر وفقًا لظروف معينة، وهذا لم تقدم جديدًا حيث أن الملء سيتم في شهور المطر وهو أمر طبيعي، وكان من المفترض تحديد ماهية ظروف الملء، أو حالة التخزين في السد العالي والسدود السودانية».
وأردف: «النقطة الثالثة أفادت أن مرحلة الملء الأولي للسد حتى منسوب "595 مترًا" فوق سطح البحر لضمان التوليد السريع للكهرباء»، مشيرًا إلى أن ذلك يعني حجز «14 مليار متر مكعب دون النظر لحالة الأمطار؛ لأنها سوف تحجز في الأسابيع الأولى والتي لا يمكن من خلالها معرفة حالة الأمطار للموسم كاملًا، كما لم تحدد كمية ما سوف يتم حجزه كمخزون ميت، وما يتم صرفه لتوليد الكهرباء».
رئيس قسم الموارد الطبيعية بمركز البحوث الإفريقية، قال إن «البند الرابع ذكر أنه سيتم تنفيذ المراحل اللاحقة للملء وفقًا لآلية يتم الاتفاق عليها، ما يعني أن المراحل التالية للملء تعتمد على الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق ومستوى التخزين في سد النهضة لضمان توليد الكهرباء، كما أنها استهدفت إثيوبيا دون النظر إلى مستوى التخزين في السدود السودانية والسد العالي، ما يعني أن توليد الكهرباء في سد النهضة لن يتأثر بالجفاف، فيما سيكون تأثير الجفاف على مصر والسودان مع الأخذ في الاعتبار تخفيف الأثر على عليهما في حالة الجفاف الممتد».
وذكر «شراقي»، أن البند الأخير، أورد أنه سيتم إنشاء آلية تنسيق فعالة لتسوية النزاعات، إلا أنه لم يحدد طريقة تسوية هذه النزاعات.
بدوره، قال الدكتور نور أحمد نور، خبير الموارد المائية، إن «النظرة لا يجب أن تكون تفاؤلية ولا تشاؤمية، لا سيما أن إثيوبيا دائمًا ما تمارس المراوغة في تعاملها مع هذا الملف الهام، غير أنه أبدى أمله أن تنتهي الأزمة خلال الاجتماع المقرر له في 28 و29 يناير?».
وأضاف لـ«المصريون»، أنه «لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث خلال الاجتماع القادم، منوهًا بأن البنود التي تم نشرها على موقع وزارة الخزانة الأمريكية لم يتم الاتفاق عليها، ما يعني أن الأزمة لا زالت مستمرة».
وأشار إلى أنه «كلما أوشكت الأزمة على الحل تعرقلها إثيوبيا، وتمارس المراوغة التي اعتمدت عليها بشكل أساسي خلال السنوات الماضية».
ولفت إلى أن مصر لا تعارض بناء السد ولا ترغب في أن تتوقف إثيوبيا عن بناءه، وإنما تبغي أن لا يكون لذلك أثاره السلبية على مصر