شكل موضوع غسيل الأموال ومكافحة غسيل الأموال قضية هامة خلال السنوات الماضية، وقلما اجتمعت جهود الدول على موضوع مثلما اجتمعت عليه في هذا الموضوع ، بحيث لم نعد نرى دولة من الدول يخلو تشريعها من تناول هذه القضية وإن تفاوتت في مدى الشدة في المعالجة
ومدى توسع دائرة التجريم بين تشريع وآخر، وهكذا أصبح موضوع غسيل الأموال ومكافحته موضوعا هاما لرجال القانون والقضاء وأجهزة العدالة والأمن بالإضافة إلى أنه موضوعا مركزيا في إدارات البنوك والمؤسسات المالية وتحديا جديا لعملها وخاصة مع تطور وسائل الاتصالات والوسائل التكنولوجية المتطورة التي تستخدمها هذه البنوك والمؤسسات المالية ،
لأن المصارف والمؤسسات المالية تظل الأكثر استهدافاً لإنجاز أنشطة غسيل الأموال فهي مخازن المال أصلاً ويحاول المجرمون تلبيس الأموال القذرة صفة المشروعية من خلال سلسلة من العمليات المصرفية ، ويمكن اعتبار الخدمات البنكية المتعددة والمتطورة باستمرار خير السبل لإخفاء المصدر غير الشرعي للمال، رغم وجود وسائل أخرى يقوم بها غاسلوا الأموال كشراء العقارات والأصول الثمينة الأخرى. لان مكافحة الفساد باتت تقتضي تضافر كل الجهود على كافة المستويات وعلى الحكومات أن تدرك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها في هذا الإطار وأن توفّر الدعم السياسي المطلوب.
وفي الأولويات تأتي مسألة دعم وتطوير القضاء وتعزيز هيبته واستقلاله ودعم وتطوير الأجهزة القضائية والرقابية وتوفير آليات تنفيذ الأحكام القضائية بما يشكّل الرادع لكل من تسوّل له نفسه الانخراط في أعمال مشبوهة.
إن تفعيل آليات مكافحة الفساد يقتضي إيجاد شراكة حقيقية وبنّاءة بين الأجهزة الرسمية والمنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني لتوحيد الرؤى والأهداف وإيجاد الإطار لتنفيذ خطة شاملة لمكافحة الفساد والتوعية من مخاطرة.
وفي ضوء التوصيات التي صدرت عن مجلس وزراء العدل بجامعة الدول العربية والتي اوصت بقيام كل دولة من اعضاء الجامعة بإنشاء نيابة متخصصة لمكافحة غسل الاموال للمساهمة في سرعة التصرف النيابي والقضائي لنوعية مثل هذه القضايا التي تساهم في محاصرتها والحد من انتشارها .
لذلك أصدر النائب العام المستشار حماده الصاوي، كتابا دوريا جديدا يتعلق بتحقيق جرائم غسل الأموال، بعد إصداره خلال الأيام الماضية قرار إنشاء نيابة غسل الأموال.
وذكر كتاب النائب العام الذي حمل رقم 6 لسنة 2019، "أنه نظرا لتطور وتعقد جريمة غسل الأموال وارتباطها بعدد من أشد الجرائم خطرا على المجتمع وأمنه كجرائم تمويل الإرهاب والإتجار في المواد المخدرة والجريمة المنظمة والفساد، فقد أصبح لها آثار بالغة الضرر على الاقتصاد القومي للبلاد وإزاء ذلك تنامت الحاجة إلى مواجهة فعالة لهذه الظاهرة".
وأوضح كتاب النائب العام، أن المشرع نظم الأحكام المتعلقة بجريمة غسل الأموال ووسائل مكافحتها وتطبيق تلك الوسائل على المؤسسات المالية وكذا أصحاب المهن والأعمال غير المالية – في الأحوال المحددة قانونا – وتطبيقا لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتحقيقا للدور الأكمل للنيابة العامة في تطبيق أحكامه وتفعيلا للهدف من إنشاء نيابة غسل الأموال.
وأوضح الكتاب أنه يعد مرتكبا لجريمة غسل الأموال كل من علم أن الأموال متحصلة من جريمة أصلية وقام عمدا بتحويل المتحصلات أو اكتسابها أو حيازتها أو إدارتها أو استخدامها أو استبدالها أو ضمانها أو استثمارها، أو تمويه الطبيعة الحقيقية لها أو لمصدرها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها.
وعاقب المشرع على جريمة غسل الأموال أو الشروع فيها بوصف الجناية بعقوبة أصلية هي السجن مدة لا تجاوز سبع سنوات، وبغرامة تعادل مثلي الأموال محل الجريمة فضلا عن عقوبة تكميلية وجوبية هي مصادرة الأموال المضبوطة أو غرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة تعذر ضبطها أو التصرف فيها للغير حسن النية. وعاقب المشرع على جرائم عدم الإخطار عن العمليات التي يشتبه أنها تشكل متحصلات أو تتضمن غسل أموال أو تمويل الإرهاب، وعدم إمساك سجلات ومستندات لقيد العمليات المالية أو عدم الاحتفاظ بها والإفصاح عن إجراءات الإخطار أو التحري أو الفحص التي تتخذ في شأن المعاملات المشتبه بها.
وتضمن الكتاب الدوري أن "تختص نيابة غسل الأموال بكل نيابة بالتحقيق في الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة غسل الأموال وما ترتبط بها ارتباطا لا يقبل التجزئة وتختص المحاكم الاقتصادية بدوائرها الابتدائية والاستئنافية دون غيرها نوعيا ومكانيا بنظر الدعوى الجنائية في قضايا غسل الأموال".
وتابع الكتاب: "للنيابة العامة أن تأمر بتنفيذ الأحكام الجنائية النهائية الصادرة من الجهات القضائية الأجنبية المختصة بمصادرة الأموال المتحصلة من جرائم غسل الأموال وجرائم تمويل الإرهاب أو عائداتها، وفق القواعد التي تتضمنها الاتفاقيات الثنائية أو الأطراف التي تكون مصر طرفا فيها".
يأتي قرار النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بإنشاء نيابة غسل أموال بكل نيابة كلية تختص بالتحقيق في جرائم غسل الأموال وما يرتبط بها ارتباطًا لا يقبل التجزئة، هو قرار هام جدًا، لان هذا القرار له الأهمية بما كان في تفعيل قانون غسل الأموال الصادر عام 2002 وتعديلاته حتى عام 2016.
أن هذا القرار يُعد تفعيلا لاتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بجرائم غسل الأموال بدءا من اتفاقية الأمم المتحدة عام 1988 مرورًا باتفاقية 2002 و2004، وإن هذا القرار بإنشاء نيابة متخصصة في جرائم غسل الأموال في كل نيابة كلية برئاسة رئيس نيابة تتبع المحامي العام، يكون في هذه النيابة عدد كافي من وكلاء النيابة بإجراء التحقيقات في البلاغات الخاصة بجرائم غسل الأموال.
و أنه سيكون هناك إدارة مختصة بالجداول والدفاتر ترفع كل شهر إلى مكتب النائب العام ونيابة الشئون المالية والإدارية على مستوى الجمهورية في النيابات الكلية، لان هذه الجرائم مشفوعة بمذكرات لكي تحال أو يتخذ الرأي فيها من خلال هذه التحقيقات”.
نظراً لأهمية عمل وحدات التحريات المالية ودورها المحوري في مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب فقد كفل الاطار التشريعي المصري لوحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب العديد من الاختصاصات والصلاحيات بهدف تمكينها من أداء الدور المناط بها على أكمل وجه،
ونوجز فيما يلى أهم هذه الاختصاصات:
تلقى وتحليل الإخطاران والمعلومات الواردة إليها من المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية عن أي من العمليات التي يشتبه في أنها تشكل متحصلات من الجرائم أو تتضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، وإبلاغ النيابة العامة لدى قيام دلائل على ارتكاب أي من هذه الجرائم، ولها طلب اتخاذ التدابير التحفظية من سلطات التحقيق بالنسبة لجرائم غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.
تبادل المعلومات مع الوحدات النظيرة وغيرها من الجهات المختصة في الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، والتنسيق معها فيما يتصل بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع مراعاة الضمانات المتعلقة بالحفاظ على سرية هذه المعلومات.
التنسيق مع جهات الرقابة في الدولة ومع الجهات المختصة في الدول الأجنبية والمنـظمات الدولية فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.
وضع إجراءات العناية الواجبة بالعملاء وغيرها من القواعد والضوابط والإجراءات ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب، والتحقق بالتنسيق مع السلطات الرقابية من التزام المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية بها.
متابعة السلطات الرقابية فيما يتعلق بقيام هذه السلطات بالتحقق من التزام المؤسسات والجهات الخاضعة لرقابتها بالأنظمة والقواعد المقررة قانوناً لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
إعداد وتنفيذ برامج التأهيل والتدريب للعاملين بالوحدة والإسهام في إعداد هذه البرامج وتنفيذها للعاملين بالجهات المعنية، وتوعية الجمهور بشأن مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأهمية مكافحتهما.
القيام بأنشطة الدراسات والبحوث والتحليل الاستراتيجي بهدف تحديد اتجاهات وأنماط غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا متابعة المستجدات في هذا المجال على المستوى المحلى والدولي.
اقتراح القواعد والاجراءات والحدود التي يجب مراعاتها في إفصاح الأشخاص عما يحمـلونه من النقد الأجنبي والأدوات القابلة للتداول لحاملها عند دخولهم إلى البلاد أو مغادرتهم لها.
العمل على إبرام اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف مع الدول الأجنبية في في مجال التعاون الجنائي الدولي بصوره كافة، وفى شأن تنظيم التصرف في حصيلة الأموال المحكوم بمصادرتها من جهات قضائية مصرية أو أجنبية في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
التنسيق مع الجهات القضائية وأية جهة مختصة أخرى في شأن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتعقب أو تجميد الأموال موضوع جرائم غسل الأموال وجرائم تمويل الإرهاب أو عائداتها أو الحجز عليها.
إنشاء وتهيئة الوسائل الكفيلة بالتحقق من التزام كافة المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية التي تخضع لرقابة الوحدة في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالأنظمة والقواعد المقررة في هذا الشأن.
اقتراح الاستراتيجيات والسياسات الوطنية ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
إنشاء وتهيئة الوسائل الكفيلة بالتنسيق مع كافة الجهات ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب لإعداد التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والعمل على تحديثه. اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ التزامات مصر وفقاً للاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة بتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، بما يشمل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن في هذا الشأن .
إبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح والضوابط والقواعد والإجراءات ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.
تعتبر مصر من الدول المتحمسة لمكافحة تبييض الأموال وقد وقعت من اجل هذا على اتفاقين دوليين لمكافحة عمليات غسيل الأموال : اتفاق الأمم المتحدة (فيينا 1988) والاتفاق العربي( تونس1994) كما يتفق ايضا وإعلان بازل 1988 الخاص بمنع الاستخدام الإجرامي للجهاز المصرفي لأغراض غسل الأموال . كما يراعي اخيرا التوصيات الأربعين الصادرة عن لجنة العمل المالي لغسل الأموال ( FATF) وخاصة التوصية الرابعة التي تطالب كل دولة بان تتخذ الإجراءات الضرورية، بما فيها الإجراءات التشريعية للتمكن من تجريم عمليات غسل الأموال هذا قبل ان تقدم على سن قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، ولا بأس أن نذكر قبل معرض حديثنا عن هذا الأخير ببعض القوانين التي أصدرها المشرع المصري ذات الصلة الوثيقة بعملية غسيل الأموال.
-قانون المدعى العام الاشتراكي: صدر القانون رقم 34 لسنة 1971 والمعدل بقانون رقم 95 لعام 1980 لتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب واستحداث نظام المدعى العام الاشتراكي وخصه بتحريك دعوى الحراسة على الأموال وفقا للشروط الواردة بالقانون، وتختص محكمة القيم بالحكم في هده الدعوى
وقد أشارت المادة الثانية والثالثة من هذا القانون إلى نوع الأموال التي يجوز فرض الحراسة عليها مع تحديد نوع الدلائل التي تبيح القيام بذلك.
-قانون الكسب غير المشروع: وهي الجريمة التي حددها القانون رقم 62 لسنة 1975، وتعتبر الوظيفة العامة هي المصلحة المحمية بهذا القانون حيث استهدف المشرع حمايتها من الاستغلال أو التربح من وراءها والإثراء بلا سبب مشروع .
-قانون سرية الحسابات والبنوك صدر هذا القانون رقم 205 لسنة 1990 ، والذي اجاز لسلطات التحقيق طبقا للمادة 3 سلطة كشف عن أصحاب الدخول غير المشروعة أو من تحيط بهم الشبهات ولم تشترط المادة السابقة سوى وجود دلائل جدية على اقتراف جناية أو جنحة وليس مجرد الظن فقط ولتحقيق المزيد من الضمانات والأمان لمناخ الاستثمار، أناطت المادة 3 سلطة كشف الحسابات السرية للنائب العام أو لأحد المحامين العاملين الأول على الأقل سواء حدث ذلك بأمر مباشر من النائب العام من تلقاء نفسه أو بناء على طلب إحدى الجهات الرسمية وأحد ذوي الشأن وبناء على حكم قضائي صادر من محكمة استئناف القاهرة .
وقد كانت من بين الجهود التي أدت إلى إخراج قانون مكافحة غسل الأموال المصري سنة 2002 إلى الوجود ترجع بالأساس إلى أحد النواب المصريين الذي تقدم به إلى الحكومة المصرية ، إذ أعرب هذا النائب عن دهشته عند غياب وزراء العدل والداخلية والاقتصاد أثناء المناقشات المبدئية لمشروع القانون في البرلمان بالرغم من انهم الوزراء المعنيين مباشرة بالأمر بالإضافة إلى زيارة مصر وفد من لجنة العمل المالي لغسيل الأموال والاهتمام بوضع الإجراءات اللازمة لمواجهتها،
وبالتالي تم أخيرا تتويج هذه الجهود بإصدار قانون مكافحة غسيل الأموال المصري رقم 80 بتاريخ 2002 في 20 مادة الذي ينص في مادته الثالثة على إنشاء وحدة مستقلة بالبنك المركزي ذات طابع خاص لمكافحة غسل الأموال تمثل فيها الجهات المعنية وتتولى الاختصاصات المنصوص عليها في هذا القانون هاته الأخيرة التي أصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 164 لسنة 2002 بإنشائها كما أصدر قراره رقم 28 لسنة 2003 بتاريخ 27/01/2003 المتعلق بنظام العمل والعاملين بالوحدة.
كما حدد قانون مكافحة غسل الأموال المصري ولائحته التنفيذية التزامات السلطة الرقابية ( البنك المركزي والبنوك في مجال مكافحة غسل الأموال) . وبذلك سنتحدث عن مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال واختصاصاتها ومهامها في بندين على أن نفصل الحديث عن التزامات السلطة الرقابية والبنوك في مجال مكافحة غسل الأموال في بند ثالث.
البند الأول : مجلس أمناء الوحدة .
-يحوي مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال تسعة أعضاء ثلاثة منهم بحكم وظائفهم واثنين من أهل الخبرة ( مساعد وزير العدل رئيسا، وأقدم نائب لمحافظ البنك المركزي ، ورئيس هيئة سوق المال، وممثل الاتحاد بنوك مصر ، وخبير في الشؤون المالية والمصرفية : أعضاء .
ويختص مجلس أمناء الوحدة بتصريف شؤونها ووضع السياسة العامة لها ومتابعة تنفيذها يكفل تحقيق أغراضها طبقا للقانون بوجه الخصوص القيام بمجموعة من المهام من بينها :
1-اعتماد النماذج التي تستخدم في إخطار المؤسسات المالية عن العمليات التي يشتبه في أنها تتضمن غسل الأموال.
2-اقتراح الأنظمة والإجراءات الخاصة بمكافحة غسل الأموال.
3-اعتماد الموازنة التقديرية للوحدة
للكسب او الاثراء غير المشروع عليها ان تحدد الجهة التي سوف تقوم بأجراء التحريات وجمع الاستدلالات حيث ان جريمة الكسب غير المشروع تفترض في المتهم البراءة وان حجية الاثبات تقع على عاتق تلك الجهات التي تقوم بإجراء التحريات لأثبات ان تلك الأموال حصل عليها المتهم بصورة غير مشروعة.
وهيئة الرقابة الادارية في جمهورية مصر العربية منوط بها وفقا للقانون، إجراء التحريات في جرائم الكسب غير المشروع.
ثانياً، الدول التي لا تجرم الكسب غير المشروع لا يمكن أن تردّ المال التي تطالب به الدولة المنهوب أموالها وهو امر يجب ان تتم مراعاته اثناء ابرام الاتفاقيات الدولية والعربية والثنائية بهدف رد تلك الموال المنهوبة للدولة حفاظا على المال العام.
غسيل أو تبييض الأموال جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة، لغرض حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو استثمارها أو تحويلها أو نقلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جرائم مثل زراعة وتصنيع النباتات المخدرة أو الجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، واختطاف وسائل النقل، واحتجاز الأشخاص وجرائم الإرهاب وتمويلها، والنصب وخيانة الأمانة والتدليس، والغش، والفجور والدعارة، والاتجار وتهريب الأثار، والجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج والداخل، والرشوة، واختلاس المال العام والعدوان عليه، والغدر، وجرائم المسكوكات والزيوف المزورة والتزوير.
يُعتبرُ غسيل الأموال من الجرائم التي يُعاقبُ عليها القانون؛ بسبب تأثيرها السلبيّ على الاقتصاد الخاصّ بالدّول؛ حيثُ تتيحُ هذه الجريمة للمُجرميّن إمكانيّة التصرّف بالأموالِ المغسولة وتوظيفها في مجموعةٍ من النّشاطات العامّة عن طريق إخفاء مصادرها غير المشروعة، كما تُساعدهم في التوسّعِ في أعمالهم غير القانونيّة وكسب المزيد مِنْ هذه الأموال
.تحدث عملية غسل الأموال من خلال ثلاثة مراحل هي الإيداع، والتمويه ، والدمج على الرغم من أن البعض قد يرى أنه لا فرق بين الأموال "القذرة" والأموال "النظيفة" وأن الأموال "القذرة" تستطيع أن تساعد في دفع عجلة التنمية في دولة ما إلا أنه من الواضح أن اللجوء إلى الأموال القذرة يترتب عليه عدة نتائج سلبية، يتمثل أهمها من الناحية الاقتصادية فيما يلى:
- تقليل قدرة السلطات المختصة على تنفيذ السياسات الاقتصادية بصورة فعالة
- تقويض استقرار سوق الصرف نتيجة للتقلبات الكبيرة التي تنشأ عن حركة وتدفق الأموال
- إيجاد فروق كبيرة في توزيع الثروات الاقتصادية
- إضعاف النمو الاقتصادي كنتيجة لتركز الموارد المالية في استثمارات ليست كبيرة الجدوى والفائدة
- إيجاد ضغط تضخمي في الاقتصاد القومي نظراً لوجود قوة شرائية وهمية ناشئة عن الأنشطة الاقتصادية غير الحقيقية
أما على الصعيد السياسي:
- انتشار الفساد السياسي والإداري واستغلال النفوذ
- تشويه سمعة الدولة مع المؤسسات الدولية التي تتعامل معها كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي
- إيجاد ثغرة قد تمكن غاسلو الأموال من الوصول إلى مراكز مؤثرة في الدولة يترتب عليها انتشار الفوضى وتهديد الاستقرار السياسي
حجم مشكلة غسيل الأموال ؟ على الرغم من أنه لا يمكن تحديد حجم الأموال التي يتم غسلها بصورة سنوية، إلا أن البنك الدولي قدر حجم الأموال التي يتم غسلها بصفة سنوية بنحو 2.5 % من إجمالي الناتج المحلى العالمي