الخميس 25 أبريل 2024
توقيت مصر 11:12 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

في الصحافة والحياة..

كورونا فوق الشجرة

في كتابها "خيارات صعبة" ذكرت هيلاري كلينتون في أحد فصوله حكاية زيارتها لمصر عقب ثورة يناير مباشرة، فقد لاحظت أننا مولعون بنظرية "المؤامرة" وأن أمريكا وراء ما يحدث.
هي لم تتجاوز الحقيقة. حتى في الكورونا ، بحسبونه مؤامرة أمريكية أو عالمية لتفريغ جيوب الصين والعالم، أو أنه في الأصل  ليس هناك كورونا ولا يحزنون، وعلينا أن نتعلم من القرموطي الذي حاور الأستاذ كورونا عبر الأقمار الصناعية، وأثبت لنا أنه رجل طيب العشرة ما لهوش أي علاقة بكل الهيصة العالمية الحالية، باختصار مفترى عليه!
الخلط بين التفزيع والاستسهال خطر عظيم. الأوبئة والفيروسات معروفة تاريخيا ودينيا، هلكت بسببها أقوام. نرمي أنفسنا إلى الموت بالاستسهال والإتكالية واعتباره مؤامرة محبوكة في المعامل، ذلك الأسلوب أشد هلاكا من الفيروس نفسه. أمريكا لن تقتل نفسها لمجرد أنها تريد التخلص من الاقتصاد الصيني المتعملق. إيطاليا التي شهدت أكبر عدد من موتى كورونا في 24 ساعة فقط لن تحبس حركة كل سكانها وتجمد الأنشطة الجماعية بما فيها كرة القدم معطلة دوران مداخليها الضخمة ، دعما للمؤامرة الأمريكية!
نحن فقط في مصر من يستسهل الأمور، وننظر إلى ما يجري حولنا على أنه ملعوب، وإهمالنا له واعتبار كل ما يتردد عن ضحاياه وضرباته المميتة محض إشاعات.
بطبيعة الحال، لم نعثر على سفينة نوح التي تحمينا من الطوفان، ولم نلجأ إلى جبل يعصمنا. 
الجد لا الهزل، العقل لا السذاجة، البحث والاجتهاد وليس الغناء لكورونا وتحديه بالدفوف والرقص، الحسم والحزم في الإجراءات والاحتياطات. هذا وحده سفينة نوح والجبل العاصم.
أمريكا قالت منذ أيام إنها عثرت على الدواء وستطرحه تجاريا خلال شهر واحد. إيران أعلنت أنها توصلت لدواء محلي عالج الكورونا خلال 24 ساعة فقط وسيطرح للسوق بكميات كبيرة خلال ثلاثة أيام فقط.
هكذا يتسابق العلم لانقاذ العالم ، بينما نجلس نحن فوق الشجرة مستمتعين بمن يطمئننا ويهدئ من روعنا ويطبطب علينا ويسلينا بحواديت قبل النوم!
أقصى ما نفكر فيه معاقبة أو مقاضاة من يتناول أخبار كورونا باعتبارهم يتناقلون الشائعات مع أنه ثبت حتى الآن أن كل أو معظم ما تناقلته السوشيال ميديا حول العالم عن كورونا هو الصحيح والدقيق والحصري، متجاوزة الإعلام التقليدي بعشرات الخطوات.