السبت 20 أبريل 2024
توقيت مصر 02:44 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

في الصحافة والحياة..

شاه إيران ومصر.. من الحب إلى القبر

وثائقي قناة العربية "الشاه..سقوط إمبراطورية" من الأعمال الرائعة التي تمتزج فيها أدوات الصناعة الإبداعية في تناغم وعمق ومعلومات ثرية تخطف المشاهد فلا يغادر مكانه ولا يتململ ولا يقترب من الريموت كونترول ليغير المحطة.
هذا هو الفرق بين عمل المحترفين الدارسين وبين سلق البيض.
مع أنني أعرف قصة مرض الشاه جيدا بسرطان الغدد الليمفاوية والذي ظهرت أعراضه عام 1973 وظل سرا حتى عن زوجته الشهبانو، فقد تعاطفت معه وأنا أتابع الفيلم الوثائقي كأنني أسمع ذلك للمرة الأولى. كنت تلميذا في مدرسة الأقباط الإعدادية بالأقصر عندما رأيت شاه إيران محمد رضا بهلوي على بعد أمتار قليلة بشارع الكورنيش بصحبة السادات على عربة مكشوفة، وقد جاءوا بنا من المدارس لتحيتهما عند خروجهما من فندق ونتر بالاس إلى معبد الكرنك.
رغم صغر سني وقتها فقد كنت على معرفة باسمه وشيء من تاريخه من حكايات أبي الذي سمى إحدى بناته على اسم جميلة جميلات عصرها الامبراطورة فوزية ابنة الملك فؤاد الأول وزوجته الملكة نازلي وشقيقة آخر ملوك مصر الملك فاروق.
كانت الأميرة أو الإمبراطورة فوزية ذات جمال أخاذ، صورها تزين أغلفة مجلات الإربعينيات في أوروبا، تغزل في جمالها الرئيس الفرنسي شارل ديجول والسياسي البريطاني الفذ ونستون تشرشل، وقال عنها والد شاه إيران الشاه الأسبق الامبراطور رضا بهلوي "عندما طلبنا أنا والإمبراطورة تاج الملوك -والدة الشاه الذي كان وريثا للعرش حينها- من سفرائنا صورا لأميرات وارستقراطيات، لم نصدق أن الأميرة فوزية من نساء الدنيا عندما رأينا صورها".
في زفاف اسطوري بالقاهرة تزوج محمد رضا بهلوي من فوزية عام 1939 وتكريما لها ولمصر أقيم زفاف آخر لها في طهران، وبعد عام انجبت الأميرة شاهيناز، وبعد عام ثان تولى زوجها عرش إيران خلفا لوالده رضا بهلوي الذي نفاه الحلفاء إلى جنوب أفريقيا وعند موته دفن في مسجد الرفاعي عام 1945 بناء على وصيته، فقد عشق تراب البلد التي أنجبت زوجة ابنه الجميلة.
لسبب غامض جاءت فوزية إلى القاهرة عام 1945 ولم تعد رغم محاولات زوجها الشاه استعادتها. مراجعة أرشيف الصحف العالمية والإيرانية في ذلك الوقت تؤكد أنها لم تطق البعد عن القاهرة التي كانت عاصمة الجمال والبهجة، وأنها عندما سئلت في طهران عن مشاعرها نحو طهران ردت بأنها قرية لطيفة كأنها تقارن بين عاصمتين من وجهة نظرها.
والغريب أن شقيقها الملك فاروق رفض عودتها أيضا، بينما كان الشاه مصرا عليها فهي جميلته المتوجة وام ابنته، وحدثت أزمة دبلوماسية كبرى نتج عنها قطع العلاقات بين البلدين.
 ورغم زواجه مرتين بعد ذلك، ثريا ثم الشهبانو فرح ديبا، فإنها لم تغادر رأسه ولما تحسنت علاقته بمصر زمن السادات، وقف بجانب البلد التي زوجته يوما ابنتها، وقد ردت له الجميل فدفنته على أرضها عندما مات متأثرا بالسرطان عام 1980 بجانب أبيه في مسجد الرفاعي بعد تشييعه في جنازة عسكرية مهيبة حضرها صديقه القديم الرئيس الأمريكي الأسبق الرئيس ريتشارد نيكسون.