الجمعة 29 مارس 2024
توقيت مصر 09:50 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

انتداب أساتذة الجامعات بالهيئات الحكومية .. استفادة بالخبرات أم مجاملات؟

جامعة القاهرة

يصادر الطموح والكفاءات وإهدار للمال العام.. المرتبات تتراوح بين 10 و20 ألفًا شهريًا.. ومطالبات بخضوع الملف للأجهزة الرقابية

فتح النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، باب الجدل واسعًا حول ملف انتداب أساتذة الجامعات في الهيئات الحكومية والمؤسسات، بعد أن قدم سؤالاً لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرة التخطيط، بشأن أسباب وآليات اختيار انتداب الأساتذة بالمناصب القيادية بعدد من الجهات الحكومية دون الاستعانة بالقيادات الوظيفية بها.

وتسبب هذا الطرح في الانقسام في الرأي ما بين ومعارض، إذ أن هناك من يرى ضرورة الاستعانة بالكفاءات الأكاديمية للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، بينما هناك من يرى أن الانتدابات "مفسدة كبرى" داخل الوزارات والمؤسسات وإهدار للمال العام، بما يؤدي إلى إحباط الكفاءات داخل مؤسسات الدولة، وحرمانهم من تقلد المناصب القيادية بالمؤسسة.

بداية الجدل

في العام الماضي، وافقت لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب على قانون تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، المقدم من الحكومة والذي تضمن استبدال 5 نصوص، وهى مواد 84 و89 و91 و137 و189 والخاصة بالانتداب.

وجاء تعديل نص المادة رقم 84 من القانون الجديد كالتالي: "مع عدم الإخلال بحسن سير العمل، يجوز ندب أعضاء هيئة التدريس بعد موافقتهم لمدة محددة من جامعة إلى أخرى من الجامعات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو أى من الجامعات التى تعد مرفقًا عامًا تعليميًا، وذلك بقرار من الوزير المختص بالتعليم العالى بعد موافقة مجلسى الجامعتين المعنيتين، كما يجوز ندبهم للقيام بمهام وظيفة عامة أخرى بقرار من السلطة المختصة بالتعيين فى تلك الوظيفة بعد موافقة مجلس الجامعة وأخذ رأى مجلسى القسم المختص والكلية، ولا يعتبر الندب كل الوقت فى هاتين الحالتين إعارة تخضع لأحكام الإعارة".

إهدار للمال العام وإحباط للكفاءات"

وفي سؤاله موجه إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد، بشأن أسباب وآليات اختيار انتداب أساتذة جامعات بالمناصب القيادية بعدد من الجهات الحكومية دون الاستعانة بالقيادات الوظيفية بها، اعتبر النائب محمد فؤاد، أن انتداب العديد من أساتذة الجامعات لتولى هذه المناصب، يتم بشكل غير مفهوم، مطالبًا الحكومة بكشف النقاب عن الحكمة من تولى أساتذة الجامعات مناصب قيادية داخل العديد من المؤسسات الحكومية المختلفة دون الاستعانة بالقيادات الوظيفية من أبناء هذه المؤسسات.

وفى تصريح إلى "المصريون"، طالب فؤاد بـ "الوقوف على الآليات التي يقوم عليها اختيار أساتذة الجامعات لتولى مناصب قيادة في هذه المؤسسات، دون الاستعانة بالعاملين داخلها، والأسباب الحقيقية وراء ذلك".

وأضاف: "موضوع انتداب دكاترة الجامعة إهدار للمال العام وإحباط للكفاءات فى الدولة، إنه يكلف المؤسسة مبالغ كبيرة، وساعة الجد لا يتحمل أى مسئولية، عكس الموظف اللى بيبقى مسئول ويحاسب لو أخطأ، ده أقل استشارى بيجيبوه بيقبض 10 لـ20 ألفًا فى الشهر".

وطالب النائب بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء انتداب أساتذة الجامعات، ومدى تأثير ذلك على العملية التعليمية فى الجامعات بتفريغها من قياداتها، بالإضافة إلى موقف القيادات الوظيفية بالمؤسسات التى يتم فيها ندب أساتذة الجامعات لتولى مناصب قيادية بها، ومدى تأثير ذلك على بيئة العمل فيها، متسائلاً: "هل يؤثر هذا الندب على سير وكفاءة العملية التعليمية بالجامعات؟، وما مدى رضا الموظفين عن هذه الانتدابات، في ظل عدم الاستعانة بالعاملين في هذه المؤسسات؟".

بعض أسماء المنتدبين

أوضح فؤاد، أن وزارة الثقافة تتصدر قائمة الانتدابات بفارق كبير عن باقى الوزارات، فمثلاً رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، هو الدكتور أحمد عوض دكتور من أكاديمية الفنون، و‏دكتورة هبة يوسف الأستاذة بجامعة حلوان، تشغل منصب رئيس قطاع العلاقات الثقافية، والدكتور هشام عزمى من جامعة القاهرة يعمل رئيسًا لدار الوثائق القومية، والمجلس الأعلى للثقافة، على الرغم من أن المكانين "فى منتهى الخطورة"، والدكتور أنور مغيث من جامعة حلوان، يرأس المركز القومى للترجمة، وكذلك صندوق التنمية الثقافية‏ يشغله دكتور فتحى عبدالوهاب الأستاذ بكلية الفنون التطبيقية.

تحايل على القانون

واعتبر فؤاد أن "هناك تحايلاً على القانون، الذى يمنع أن تتجاوز مدة الانتداب عددًا محددًا من السنوات، إذ يتم التحايل على هذا البند بعمل رجوع "صورى" على الورق للجهة المنتدب منها، ولو لمدة يوم واحد "عشان يبقى مش مخالف وبعدين يرجع يبدأ مدة جديدة من الانتداب تستمر عدة سنوات أخرى"، ما يعطى شعورًا لأبناء المؤسسة بأنهم مهما اشتغلوا بيكون للوزير رأى آخر ولازم ينزل لهم حد براشوت من بره حتى لو فاشل".

وحول الحلول لهذه الإشكالية، قال النائب: لا بد من قرار من وزارة التخطيط ومجلس الوزراء بأن يكون الانتداب فى حالات معينة تتم بعد موافقة رئيس الوزراء، وتكون براتب مقارب لراتب أستاذ الجامعة.

مطالبات بتقنين الانتدابات وخضوعها للأجهزة الرقابية

وقال  الدكتور عبدالعظيم الجمال، أستاذ المناعة المساعد بجامعة قناة السويس، إن "مشكلة الانتداب تحتاج إلى عدة ضوابط لتكون مثمرة وتأتى بنتائج.

وأضاف لـ "المصريون"، أنه "لا بد من تقنيين اختيار المستشارين، على أنه يكون اللجوء إليهم في حال الضرورة القصوى فقط، ووضع توصيف وظيفي لعمل المستشار المنتدب، يكون ذا مهام محددة ورؤية واضحة، وألا تزيد فترة الانتداب على 4 سنوات، دون أي تحايل كما يتم حاليًا من خلال قطع الانتداب لعدة أيام، ثم يبدأ في احتساب مدة جديدة، خاصة وأن راتب المنتدب أضعاف راتبه الجامعي"، مطالبًا بوقف راتب الأكاديمي في الجامعة التي يعمل بها طول فترة انتدابه بأي جهة أخرى.

وطالب الجمال بخضوع جميع الانتدابات للأجهزة الرقابية؛ مثل الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات لإغلاق باب المجاملات والوظائف الديكورية.

التخطيط: الملف لم يعد من اختصاصات الوزارة

وفى تعليقه على ملف الانتدابات، قال رامى جلال، المتحدث باسم وزارة التخطيط، إن هذا الملف لم يعد له أى علاقة بوزارة التخطيط، وإن الأمر الآن مع مجلس الوزراء والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.

وأضاف، أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ليست لها علاقة بالموضوع، فملف الإصلاح الإدارى لم يعد جزءًا من عملنا على الإطلاق، التنظيم والإدارة أقرب فى هذه النقطة تحديدًا.