الثلاثاء 23 أبريل 2024
توقيت مصر 16:23 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

في الصحافة والحياة..

بيرغن.. أنا وكتابه وفيلمه عن بن لادن

وهو يعد لكتابه الضخم "أسامة بن لادن الذي أعرفه.. التاريخ الشفهي لزعيم القاعدة" هاتفني الكاتب والمنتج الوثائقي الأمريكي الشهير بيتر بيرغن الذي كان مديرا لسي إن إن في العاصمة الأفغانية كابل في ثمانينيات القرن الماضي. كان ذلك عقب هجمات 11 سبتمبر وما تلاها من الحرب الأمريكية على طالبان وتنظيم القاعدة.
لم يكن بيتر بيرغن يحتاج لمعلومات مني أو من غيري ليوثق بها كتابه The Osama bin Laden I Know الذي يحوي444 صفحة، فقد التقاه كثيرا في جبال أفغانستان وكهوفها وفي بيته في قندهار، لكنه اكتسب من عمله الصحفي في المحطة التلفزيونية الشهيرة CNN ضرورة التوثيق لكل معلومة والتوثق منها حتى لو كلفه السفر آلاف الأميال وعشرات الساعات بالطائرة من اتلانتا عاصمة ولاية جورجيا حيث المركز الرئيسي للقناة الأمريكية بعد مغادرته أفغانستان.
لست وحدي الذي سافر إليه بيرغن ليلتقط أي معلومة تفيده من التاريخ الشفهي لزعيم القاعدة، وإنما سافر إلى كثير من الصحفيين والباحثين في مشارق الأرض ومغاربها الذين تخصصوا في الكتابة عن الجهاد الأفغاني منذ بدايته ضد الاحتلال السوفييتي الذي استعان به النظام الشيوعي الذي حكم كابل في السبعينيات.
بيتر بيرغن هو أيضا منتج أفلام وثائقية، ومعروف بإجرائه أول مقابلة تليفزيونية مع أسامة بن لادن في عام 1997 على شاشة CNN والتي أعلن فيها الحرب على الولايات المتحدة.
من كتبه أيضا غير الكتاب الذي أنا بصدده، كتاب "مطاردة بن لادن إلى أبوت آباد" الذي صدر عام 2012 وسجل بنهاية ذلك العام أكثر الكتب مبيعا لمؤسسة نيويورك تايمز، ومن مادته انتج فيلمه الوثائقي: البحث عن بن لادن.
أبوت آباد هي قرية جبلية شمال شرق باكستان تقع بالقرب من أهم الأكاديميات العسكرية للجيش الباكستاني، حيث عثرت القوات الأمريكية الخاصة على بن لادن في مخبئ اختفى فيه 5 سنوات وقتلته.
كذلك كتاب "العالم السري لبن لادن" عام 2001، و "أطول حرب. الصراع الدائم بين أمريكا القاعدة" عام 2011 وكان أيضا أكثر الكتب مبيعا في ذلك العام عن نيويورك تايمز.
وفي عام 2013 أصدر كتاب "بلاد طالبان.. الحدود بين الإرهاب والسياسة والدين" وحقق مبيعات هائلة.
بيتر بيرغن ليس صحفيا ومؤلفا ومنتجا وثائقيا فحسب، أو مؤلف سبع كتب هامة حول بن لادن وطالبان وأفغانستان سجلت الأكثر مبيعا، واختارت واشنطن بوست أحدها الأفضل خلال عام إصداره، مع ترجمة كل تلك الكتب إلى 21 لغة، وفوز وثائقياته بجوائز كبرى.
إنه أيضا يتولى وظائف بحثية وأكاديمية غاية في الأهمية داخل الولايات المتحدة، فهو بروفيسور في جامعة هارفارد، واستاذ للدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكينز، وأستاذ مشارك لعدة سنوات في مركز القانون والأمن بجامعة نيويورك، وأدار مركز مستقبل الحروب في جامعة ولاية أريزونا.
 من محتوى كتابه "أسامة بن لادن الذي أعرفه" والذي كنت جزءا من بعض صفحاته، أنتج فيلما عن هجمات سبتمبر في ذكراها الرابعة بثته CNN  وخصصا جزءا لي أيضا. 
لم يجدني فريق القناة عندما جاء إلى المكان الذي التقاني فيه بيرغن سابقا أثناء تجميع مادة كتابه، وهو مكتبي في مقر الشركة السعودية للأبحاث والنشر بالقاهرة حيث كنت مديرا لمكتب مجلة المجلة اللندنية، وحينها عرفوا مقر عملي الجديد في قناة العربية بدبي، حيث فوجئت بمكالمة من مخرج الفيلم الوثائقي يخبرني فيها أنه جاء إلى القاهرة خصيصا لي بتكليف من بيتر بيرغن وأنهم سيأخذون أول طائرة إلى دبي لمقابلتي ويريدون الاطمئنان إلى أنني سأكون موجودا.
وبالفعل اتصل بي في اليوم التالي من أحد الفنادق الشهيرة في دبي قائلا إنه أعد استديو داخله وحدد موعدا للتصوير معي، وقد كان.
عندما يقول صحفي إن الصحافة مرهقة ومكلفة وشاقة وتقصر العمر فهو لا يكذب، إذ أنه يعبر عن صحافة حقيقية تكد في سبيل المعلومة الموثقة. وعندما يتصل بي صحفي عدة مرات وكان قد سجل معي نحو ساعتين ليتأكد من كلمة قلتها وأنني بالفعل أقصد ذلك المعني الذي فهمه، فهو صحفي ثقة وليس صحفي "كلام جرايد" الذي كان العامة يتندرون به على عدم دقة ما تنشره الصحف.
أكثر من مرة اتصل بي بيتر بيرغن أثناء تفريغ كلامي. وعندما أصدر كتابه وقرأت ما هو منسوب لي في أكثر من صفحة، كان ذلك بالحرف والكلمة ما قلته دون زيادة أو نقصان أو اجتهاد منه لمعنى لا أقصده.