السبت 20 أبريل 2024
توقيت مصر 04:03 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

نصابو «السوشيال ميديا».. ماجستير ودكتوراه فى الجن والشياطين

سحر وشعوذة - أرشيفية

مليشيات إلكترونية تنشط فى الدجل بهدف التربح.. والنساء الهدف الأساسى

خبيران اجتماعيان: سببان لا ثالث لهما يسقطان مستخدمى وسائل التواصل فريسة لها

على خلاف الصورة الذهنية المعهودة عن عالم الدجالين والسحرة حول قيامهم بتحضير الأرواح، وإطلاق البخور دخل غرفة ذات إضاءة خافتة؛ حيث يمتزج الغموض والرهبة، انتشرت صفحات عبر شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، تروج للعلاج بالطاقة وتحضير الأرواح للشفاء من الأمراض والسحر والحسد.

وعبر إحدى المجموعات على "فيس بوك"، وتحت شعار: "تحضير الجن فى وجود الإنسان لعلاج الإنسان بإذن الله"، يجتمع أكثر من 15 ألف شخص بين مَن يطلقون على أنفسهم وصف مشايخ ومعالجين روحانيين، ومجموعة كبيرة من راغبي العلاج من المس وطالبى المساعدات لمشكلاتهم عن طريق استخدام السحر السفلى والعلوي.

وعلاوة على الصفحة المذكورة، هناك صفحات تحت مسميات ومنها "السحر وعالم الجن والفلك"، و"قصص مخيفة"، و"تحضير الجن والعلاج والكشف"، وغيرها من الصفحات، التي تهدف لجذب أكبر عدد من المتابعين لها، عبر الترويج بأن المخرج الوحيد من مصائب الحياة هو العلاج الروحانى بالتنويم وتحضير الأرواح.

وحاولت "المصريون" التواصل مع أدمن إحدى هذه الصفحات، لكنه امتنع عن التواصل مباشرة، وقال: "تابعونا عبر منشوراتنا الجديدة على الموقع".

الترويج لهذه الصفحات يتم بشكل منظم للغاية، إذ أنه يتم إدارتها من قبل مئات الأشخاص ينشطون في كتابة المنشورات والتعليقات المروجة لأهدافهم، عبر الزعم بشفائهم وحل مشاكلهم عن طريق تحضير الأرواح والعلاج، وعبر إرسال رسائل تدعو رواد مواقع التواصل لضرورة التواصل مع هؤلاء نظرًا لما حققوه من أمنيات وأحلام لآخرين عن طريق السحر وتحضير الأرواح.

هذه الصفحات التي تجذب النساء بشكل أدق، يقوم عليها أفراد عاديون يعملون بشركات متخصصة في "السوشيال ميديا" تعتمد بشكل مباشر على "جروبات" النساء للتسويق لنشاطها وبعضها يبث مقاطع مصورة مباشرة، والتعاملات المادية معهم عن طريق شركات الاتصالات المختلفة، بواسطة خدمة إرسال الأموال "كاش"، كما أن التعامل معهم لا يتم مباشرة، بل عن طريق المكالمات الإلكترونية.

من جانبه، قال أحمد حسام، المتخصص في إدارة الصفحات الإلكترونية، إن "مليشيات إلكترونية تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بإنشاء صفحات لتعليم تحضير الأرواح وعلاج السحر، تهدف لأن تصبح صفحات مليونية، ومن ثم بعد ذلك يتم استغلالها في نشر معلومات زائفة غير علمية".

وأضاف لـ"المصريون": "هذا النوع من الصفحات يقوم بنشر المعلومات الزائفة، والتي يتم تضخيمها من خلال حسابات مزيفة تنشط عليها مليشيات إلكترونية، حيث يكون لدى كل شخص مئات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم التعليق بشكل مكثف من أجل تسليط الضوء على أمر ما هو في الغالب وهمي".

وتجد هذه الصفحات انتشارًا بين كثير من الأشخاص الذين يقعون ضحايا لها تحت تأثير الأزمات والمشكلات.

وتقدم طارق متولي، عضو مجلس النواب بطلب إحاطة موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن وجود معاهد وهمية لتعليم السحر والشعوذة وإيهام المتقدمين بإمكانية الحصول على شهادات ماجستير ودكتوراه فى الجن والشياطين.

وقال في بيان له، إن "كثيرًا من الشيوخ يدعون قدرتهم على علاج المصابين بالسحر والجن وعلاج الأمراض المزمنة والمشكلات الاجتماعية والشخصية المتكررة، التي تخص السيدات على وجه التحديد.

وأضاف أنه "بحسب دراسة أعدها مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، فهناك نحو 300 ألف شخص فى مصر يدّعون القدرة على علاج المرضى بتحضير الأرواح، وإخراج الجن من جسد الإنسان، إضافة إلى عدد مماثل يزعمون قدرتهم على علاج المرضى بآيات من القرآن والإنجيل".

وأشار إلى أن "مواقع الإنترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي يسّرت انتشار بيزنس النصب على المواطنين وادعاء إمكانية الحصول على دورات تدريبية "أون لاين" فى هذا العلم الوهمي، بل إن بعض الدجالين يضعون أرقامهم الهاتفية على الإنترنت، وطوّر البعض منهم أداءه وأنشأ موقعًا إلكترونيًا خاصًا به، لتتبدل صورة الساحر القديمة الذى كان يمارس عمله فى الخفاء وفى سرية شديدة ويرهبه الكثيرون دون أن يعرفوا أى شيء عنه".

وطالب النائب في تصريح إلى "المصريون" بـ "تكثيف الجهود الأمنية لضبط المسئولين عن هذه الصفحات والمعاهد الوهمية؛ منعًا لانتشار مزيد من الغش والجهل والشعوذة بالمجتمع، خاصة أن الدخول على مواقع السحر أصبح من اهتمامات العديد من مستخدمى الإنترنت، سواء بسبب الفضول أو الرغبة فى الدخول لهذا العالم المجهول، ومعرفة خطوات احترافه أو العلاج من السحر، وتطور الأمر ليصبح "بيزنس جديد" ومربح للغاية، من خلال بيع الكتب الإلكترونية حول كل ما يتعلق بفنون السحر والشعوذة".

وأضاف، أن فور انعقاد المجلس في 12 ديسمبر الجاري، سيجدد طلبه لمناقشة الموضوع في أولى جلساته العامة، لأن "الأمر لا يتحمل الانتظار، والتحرك القانوني في مواجهته مطلوب".

أما فيما يتعلق بالرأي الشرعي، قال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، إن "السحر والحسد ثابتان فى القرآن والسنة وإجماع الأمة، والسحر قال الله تعالى فيه: " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى? مُلْكِ سُلَيْمَانَ ? وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَ?كِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ"، ويقول الله عز وجل فى آية أخرى: "وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه"، وبذلك لا يستطيع الساحر أن يضر الإنسان إلا بإذن الله.

وأضاف لـ"المصريون": "المشعوذون الذين يمتهنون الدجل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعيدون كل البعد عن القيم، بدليل أنهم يفعلون المنكرات ويأخذون أموالاً على هذا، فهذا دجل لا محالة، فالمسحور عليه بكتاب الله وسنة رسوله، وعليه بالالتجاء إلى الله، أو برجل حامل للقرآن وعامل به لا يتخذ من هذه المهنة وظيفة له، أما ما يتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي فإنه ضلال أبدى يحاربه أصحاب العقول والحكمة".

وقال الدكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ علم الاجتماع، إن "التفاعل مع صفحات العلاج الوهمي، عبر تحضير الأرواح له مبرران؛ الأول ارتفاع نسبة الأمية، والمقصود بها ليس القراءة والكتابة، ولكن بين الناس بصفة عامة، إلى جانب عدم الاطلاع على الجديد في العلم، وتفسير الشرع له، والابتعاد عن القرآن، والجري وراء من يستغلونه لأغراض شيطانية".

وأضاف لـ"المصريون": "الأمر الآخر هو غياب الوعى الدينى والوعى العلمى بأن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى وليس بيد الساحر أو محضر الأرواح، وهذا ما أدى إلى تفشى ظاهرة الدجالين واستغلالهم في النصب".

وتابع: "كثير من المواطنين يلجأون إلى الدجل والشعوذة لأسباب عديدة؛ للزواج أو للحمل أو جلب المال أو التنقيب عن الآثار، فيما يتناسى الإنسان الجانب الروحى ويتناسى أن كل هذه مقدرات من عند الله وحده".

من جانبها، أكدت الدكتورة سوسن فايد، أستاذة علم الاجتماع والإنثروبولوجي، أن "استخدام التكنولوجيا فى الترويج للخرافات والشعوذة يمثل خطورة كبيرة على المجتمع، نظرًا لسهولة انتشارها والوصول إليها، بعكس السابق حيث كانت هناك صعوبة فى التواصل معهم".

وأشارت إلى أن "الأشخاص الذين يستجيبون لتلك الأوهام يعانون من أمراض الإيحاء، التى يتصورون من خلالها أن حلول مشكلاتهم تتمثل فى الاستعانة ببشر مثلهم، يعتقدون أن لديهم تواصلاً مع قوى أخرى، لديها القدرة على صنع حلول سريعة لهم".