الجمعة 19 أبريل 2024
توقيت مصر 17:22 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

حكايات حمامات

هالة الدسوقي
لبلادي سحر خاص يجعلني حقاً أعشقها، ولم أشعر بأن حبي لها وصل لدرجة العشق، إلا حينما فارقتها لفترة من الزمان .. فأحسست لافتقاري لجوها المعتدل ولروحها المختلفة، التي لا تشعر فيها بوحدة ففي لحظات تكون صداقات في أي مكان تتواجد فيه في المواصلات .. في طابور العيش .. أو بالمستشفى .. أو في المحلات، فالناس في بلادي يتميزون بروح الود والأُلفة.
وتظل بلادي الأجمل حتى نصطدم بصخرة السلبيات والمشكلات، ولعل أوضح تلك السلبيات مشكلة تراجع قيمة النظافة في الشوارع والأماكن العامة، رغم أن السعي وراء القضاء على القذارة وازالة القمامة من جانب الدولة ومسئوليها يقضى على أحد أضلاع ثلاثي التخلف وهو "المرض".
وبمناسبة انعدام النظافة ... فإن للحمامات العامة في بلادي حكايات، أحدث ما صدفته في هذا الموضوع ما يعانيه مجمع مواقف المحلة الكبرى، الذي به مراحيض دائما مغلقة أمام العامة من جانب العمال القائمين عليها، ولا أعلم تحديدا السبب لعلها تُفتح لمن يدفع فاتورة الدخول .. رغم أنها مجانية .. وإن فتحت فلا تغلق فهي خالية من الترابيس التي تغلق على من يدخلها وكذلك خالية من المياه.
والسؤال الذي يطرح نفسه، إذا كان هذا حال الحمامات في مجمع مواقف المحلة الكبرى فماذا يفعل من يريد قضاء حاجته، "افتكس" الناس طريقة للتغلب على مشكلة انعدام الحمامات، رغم وجودها، فقد لجؤوا إلى المحلات التابعة للموقف والفارغة من الباعة لتحل محل بيوت الراحة، فأصبحت مقلبا للزبالة وكذلك حمامات، ولعل المنظر والرائحة يبعثان على الاشمئزاز الذي يفضي إلى الغثيان ومن ثم القيء.
كما يشتكي الركاب من عشوائية الباعة الجائلين بالموقف، الذين ابتعدوا عن المحلات التي تحولت إلى مراحيض وسيطروا على الموقف بشكل مستفز، ويتسرب داخلهم من يتاجر في المواد المخدرة، على حد قول بعض الركاب، والذين أبلغوا عنهم ولكن لا حياة لمن تنادي، والخلاصة أن الموقف في حالة يرثي لها رغم اتساع رقعته وسلامة تخطيطه، إلا أنه بدلا من أن يكون حلا للمشكلات خلف مشكلات أكبر. 
أرجو من المسئولين عن مجمع مواقف المحلة الكبرى أن يسارعوا لإيجاد حلول لهذه المشكلات، وإعادة تنظيف المحلات واعطائها للباعة بأسعار تناسبهم، والضرب بيد من حديد على من يسعى لإفساد شبابنا ببيع المواد المخدرة، وعمل صيانة لحماماتها ومتابعة العمال عليها لتحقيق الغاية منها.
وما أحب أن الفت النظر إليه أن الحمامات العامة في الحدائق والمواقف وكافة الأماكن العامة تعاني في الغالب من مشكلة النظافة.. فيكفى رائحتها حتى يعدل الشخص عن دخولها ويتحمل العناء في امتناعه عن قضاء حاجته ولا يتحمل قذارتها، بالإضافة إلى إصرار القائمين على نظافتها ..في حالة قاموا بتنظيفها.. على اتخاذها مصدرا لتحسين الدخل! وهو ما يجعل المستفيد منها يقع في حيرة هل هي مجانية أم أن هناك ضريبة لاستعمالها!
وأتذكر موقف مضحك شاهدته وأنا في زيارة لقلعة صلاح الدين الأيوبي، فذهبت بصحبة صديقة لي إلى الحمام وبالطبع كانت هناك سائحات، والعاملة البسيطة لا تتحدث الانجليزية فطالبت السائحة بالمال لكن السائحة لم تفهم، فظلت تطالبها والأخرى لا تفهم.
وهنا لجأت العاملة إلى صديقتي التي سألتها فلوس يعني أيه بالانجليزي فتطوعت وقالت لها "مَني"، فقالتها العاملة بطريقتها، ضحكت على صديقتي التي تطوعت للمساعدة، رغم أنفها ورفضها لطريقتها، وضحكت على إصرار العاملة على عدم تضييع فرصة الحصول على المال،  وإصرار السائحة على عدم الفهم، لعلها من الذكاء، الذي يجعلها لا تستجيب لكل من  يطالبها بالمال.