الخميس 28 مارس 2024
توقيت مصر 13:23 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

ليلة الدخلة.. بنات يلعن «الختان»

أرشيفية

مصر الرابعة عالميًا والثالثة عربيًا بنسبة 91% فى ختان الإناث.. و«بدور» تطوف المحافظات لمواجهته

الإفتاء: لا علاقة له بالشريعة.. وإنما عادة فرعونية.. والنبى لم يختن بناته

 منى: «أصبت بعقدة من الجواز».. علياء: «دخلت المستشفى ليلة الدخلة».. هدى: «جالى برود».. وعبير: «جالى ناسور»

جريمة الختان السجن من 5 إلى 7 سنوات.. والمشدد فى حالة العاهة والوفاة 

هناك معتقد لدى بعض الناس يربط العفة والشرف والطهارة بالختان, لكن الحقيقة غير ذلك، فالتربية والدين والأخلاق هى التى تصون الفتاة وتمنعها من الوقوع فى الرذيلة, أما الختان فهو وتعذيب وانتهاك لبراءة الفتيات الصغار.

وعلى الرغم من التحذيرات المتزايدة من ختان الإناث، وضعف الأدلة التي يستند إليها أصحاب الرأي بضرورة إجرائها، وتجريمها قانونيًا في مصر، فإنه لا يزال الكثير من الأسر تصر على إجرائها متجاهلة التحذير من المخاطر النفسية والبدنية التى تسببها لهن فى حياتهن الزوجية، والتى قد تصل إلى حد الإصابة بالعقم والوفاة في بعض الأحيان.

ويكشف أحدث تقرير صادر عن منظمة اليونيسيف أن الصومال يأتى في صدارة دول العالم في عمليات ختان الإناث، بنسبة 98%، تليه غينيا وجيبوتي، ثم مصر في المركز الرابع، والثالث على مستوى الدول العربية، بنسبة 91% يليها السودان في المرتبة الثامنة عالميًا.

وأظهر التقرير أن أكثر من 70 مليون فتاة وامرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا تعرضن للختان فى 29 دولة فى أفريقيا والشرق الأوسط، وحذر من وجود 3 ملايين فتاة يواجهن مخاطر الختان كل عام فى القارة الأفريقية وحدها.

وأوضحت إحصائيات "اليونيسيف" أن نسبة انتشار ختان الإناث فى مصر بلغت فى عام 2000 نسبة 97%، وعلى الرغم من التحسن الملحوظ فى نسبة انتشار الختان فى مصر الذى رصدت المنظمة انخفاضه عام 2015 إلى 92%، ثم إلى 87% عام 2016، إلا أن انتشار تلك الممارسة عاد فى الصعود إلى 91% عام 2017، على الرغم من تبنى الحكومة المصرية منذ عام 2008 تشريعات عقابية لمن يقوم بالختان للإناث.

وأرجعت المنظمة الأمر إلى الموروثات الاجتماعية التى تربط بين الختان والطهارة والاستعداد للزواج.

"حملة بدور"

وأطلقت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث برئاسة الدكتورة مايا مرسى، رئيس المجلس القومى للمرأة، والدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، حملة توعية بعنوان "شهر بدور" فى جميع المحافظات وعلى مدار شهر كامل تنتهى 14 يوليو الجاري.

وأطلق على الحملة اسم "شهر بدور" نسبة إلى الطفلة بدور التى لقيت مصرعها إثر خضوعها للختان عام 2007 بمحافظة المنيا.

وتستهدف الحملة إعادة إحياء القضية، ونشر وعى أوسع بها، من خلال تنظيم أنشطة بجميع المحافظات بالتعاون بين المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للطفولة والأمومة، ومنظمات المجتمع المدنى.

وتهتم اللجنة برفع وعى الأطفال وأولياء الأمور بمخاطر ختان الإناث من خلال ندوات واستقبال جميع الاستفسارات وتقديم المشورة اللازمة على خط المشورة والتوعية "16000" على مدار الساعة.

"الإفتاء": الختان مخالف للشريعة

فى يونيو 2016، أصدرت دار الإفتاء المصرية، فتوى بأن "ختان الإناث مخالف للشريعة وأنه حرام شرعًا لما يمثله من اعتداء على المرأة، وأن ممارسته ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، لكنها قضية ترجع إلى الموروث الطب والعادات".

وجاء في الفتوى، أن "بعض المسلمين يظنون أن قرار منع ختان الإناث يعد مخالفة للشريعة الإسلامية، والحقيقة غير ذلك فقضية الختان ليست دينية تعبدية فى أصلها بل هى عادة انتشرت بين دول حوض النيل قديمًا، فكان المصريون القدماء يختنون الإناث، وقد انتقلت هذه العادة إلى بعض العرب، كما كان فى المدينة المنورة, أما فى مكة فلم تكن هذه العادة منتشرة، ولم يرد نص شرعى يأمر المسلمين بأن يختنوا بناتهم، والنبى لم يختن بناته الكريمات عليهن السلام، فكان استمرار تلك العادة من باب المباح حتى قرر الأطباء أن ختان الإناث له أضرار خطيرة قد تصل إلى الموت، فحرم الشرع الختان لهذا الضرر, كما أن كثيرًا من الدول الإسلامية تركت تلك العادة مثل المملكة العربية السعودية ودول الخليج".

"اغتيالات ومجازر"

وترصد "المصريون" بعض الحالات التي قالت حملة "مناهضة ختان الإناث" إنها تعرضت للضرر جراء هذه العادة السيئة التي تؤثر على صحة الفتاة بدنيًا من خلال تعرضهن للنزيف الحاد ومشكلات التئام الجرح، واحتباس التبول ومشاكل مهبلية عديدة، إلى جانب البرود الجنسي، علاوة على احتمالية الإصابة بالعدوى والالتهابات، وآلام عند الدورة الشهرية، وبعض المشكلات الجنسية، وحدوث مضاعفات أثناء الولادة, بخلاف الأضرار النفسية مثل انخفاض تقدير الذات والقلق وإصابة الكثير من الفتيات بالعزوف عن فكرة الزواج, وذلك لأخذ العبرة منهن والتوعية بمخاطر هذه العملية.

عقدة من الزواج

تقول "منى .ع" البالغة من العمر 25 عامًا، إنها لا يمكن أن تنسى هذا اليوم الأسود من حياتها، مضيفة: "تحجر قلب عائلتى وقاموا بذبحى وأنا فى التاسعة من عمرى بأن اقتادونى إلى طبيب نساء فى محافظة قنا، وعندما ذهبت رأيت فتاة تخرج من عند الطبيب منهارة، فأصابتنى حالة فزع، وبدأت بالصراخ والمقاومة، ولم يرحم أهلى دموعى وتوسلاتى لهم  فقاموا بسحبى إلى غرفة الطبيب، وكتفونى فى السرير حتى أعطانى الطبيب إبرة المخدر وقام بختاني, وأعانى إلى الآن من الصدمة النفسية، وأتلقى علاجًا منذ 3 سنوات من اكتئاب مزمن لرفضى للزواج من أى شخص حتى ولو كان مناسبًا وتتمناه أى فتاةـ لخوفى من تكرار تلك المجزرة مع ابنتى".

يقاضى زوجته

وفي محافظة قنا، لجأ زوج إلى مقاضاة زوجته, لإجرائها عمليات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية لابنتيهما دون موافقته, بعد أن عبر عن رفضه التام للفكرة عندما اقترحت عليه زوجته الموضوع، غير أنها أصرت وقامت بإخضاع الفتاتين للعملية.

وقال الزوج إنه استشار رجال دين فى مصر والمملكة العربية السعودية، وأجمعوا جميعهم على أن ما يُعرف بختان الإناث محظور فى الإسلام.

وأضاف: "أخبرنى الأطباء أن هذه العملية تتسبب فى أضرار نفسية وجسدية شديدة على الفتيات, كما أننى عملت فى المملكة العربية السعودية نحو 12 عامًا، وتعاملت مع العديد من الأشخاص من دول مسلمة أخرى، ووجدت أنها تعد عملية تشويه للأعضاء التناسلية، ولا تمارس إلا فى مصر والسودان".

ليلة الدخلة بالمستشفى

وتقول "علياء" البالغة من العمر 32 عامًا، إنها أم لولدين وبنتين, وكانت ضحية من ضحايا العادة السوداء، مضيفة: الختان جعلنى أقضى ليلة دخلتى داخل المستشفى بعد أن أصبت بنزيف حاد نتيجة العملية لأن الجرح كان لاحم".

وقصت ما تعرضت له في الصغر، واصفة ما حدث بأنه "كان بمثابة فيلم رعب، حيث طرقت باب بيتنا سيدتان ذواتا بنية قوية ترتديان ملابس سوداء أشبه بعزرائيل لا تعرف الابتسامة طريق فى وجهيهما، وسألانى عن أمى فناديت أمى وأدخلتهما إحدى الحجرات وقامتا بحملى بقوة، وأجرتا لي عملية الطهارة, ثم اكتشفت الفاجعة يوم زفافى بإصابتى بنزيف حاد كاد أن يقضى على حياتى, وبعدها قررت إنى ما أختنش بناتى أبدا مهما حصل".

برود جنسى

تقول "هدى"، البالغة من العمر 23 عامًا: "أمى السبب فى اللى حصلى وتدمير حياتى، بسبب إجرائها عملية ختان لى تسببت فى إصابتى ببرود جنسى، وعدم الرغبة فى ممارسة العلاقة الحميمة مع زوجى, والتجاوب معه بسبب حدوث ألم شديد وقت الجماع لدرجة إن زوجى بدأ يكرهنى ويهددنى بالطلاق والزواج بسيدة أخرى". وأضافت: "عندما زادت المشاكل ذهبنا إلى طبيبة نساء وأخبرتنا بأن السبب فى هذه المشكلة هو الختان".

ختنونى مرتين

وتقول "ريهام"، فى العشرينيات من عمرها: "أهلى دبحونى مرتين مرة مع أختى الكبيرة وأنا بنت 8 سنوات حتى أفور وأكبر بسرعة, ومرة ثانية عندما أصبح عمرى 14 سنة، واعتقدت أمى أن الداية لم تطاهرنى جيدًا، وقام الحلاق بختانى للمرة الثانية وفى هذه المرة لم أتحمل هول الموقف، خصوصًا أننى سبق لى وتعرضت لذات الموقف مسبقًا، وسقطت مغشيًا علىّ مرتين من هول عملية التعذيب التى تعرضت لها ولا يزال ألمها يراود ذهنى ولا يغيب عن تفكيرى لدرجة أننى كرهت والدتى فى هذه الفترة".

ناسور بسبب الختان

بينما تقول "عبير"، فى الثلاثينيات من عمرها: "الختان دمر لى حياتى وجعلنى أكره نفسى وأفكر فى الانتحار بعد أن تسبب فى إصابتى بناسور مهبلى شرجى بعد ولادتى الثانية، وأخبرنى الطبيب أن الختان هو السبب فى مرضى, علاوة على معاناتى من إفرازات شديدة وآلام حادة وقت الجماع وإمساك شديد، ما اضطرنى إلى إجراء عملية جراحية، ولكن بلا فائدة، فالمشكلة لا تزال موجودة ولم تحل، ما أصابنى بحالة نفسية سيئة علاوة على ضيق زوجى من عدم تمكنه من ممارسة حقه الشرعى معى لمرضى الشديد".

"أذانى بدنيا وشوهنى"

وتقول "سماح" فى العشرينيات من عمرها، إن أهلها أخذوها من الدار للنار وقاموا بختانها بدون أن تعلم، وقاموا بتكتيفها وإجراء العملية لها.

تضيف: "ولكن بعدما تزوجت أصبت بتعب شديد ليلة الدخلة لدرجة أننى ظلت مع زوجى لمدة 10 أيام بدون إجراء أى علاقة حميمية صحيحة, وعندما ذهبت مع زوجى عند الطبيب أخبرنا بأن الختان لَحَم عندى ولا بد من إجراء عملية توسيع لى، وبالفعل أجرى الطبيب لى العملية وقام بعمل غرز لى ما تسبب فى تعب وعذاب شديد لى، ولكن لم تنتهِ المشكلة عند هذا الحد، إذ أنه بعد حملى وأثناء الولادة رأس الطفلة تعسر فى النزول من الرحم، ما اضطر الطبيب إلى فتح الغرز القديمة وإجراء غرز أوسع منها، ما أصابنى بإعياء شديد لدرجة أننى ظللت لمدة أسبوع بعد الولادة أرضع بنتى وأنا واقفة، لا أستطيع الجلوس مطلقًا".

ويقول الخبير القانونى محمود صالح، إن القانون عرّف عملية ختان الإناث بأنها "إزالة أى من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئى أو تام أو إلحاق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبى".

وأوضح أن "قانون العقوبات الذى أعدته وزارة العدل بالتعاون مع وزارة الصحة غلّظ العقوبة فى عام 2016، فقضى بتغليظ العقوبة للأطباء من جنحة إلى جناية، حيث يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 سنوات مَن قام بختان الإناث، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز 3 سنوات، كل من قدّم أنثى وتم ختانها, وفى حالة ما إذا ترتب على الختان عاهة مستديمة أو وفاة تكون العقوبة السجن المشدد".

وأضاف أن "نقابة الأطباء تقوم أيضا بمعاقبة الأطباء الذين يقومون بمثل هذه العمليات الإجرامية بعدة عقوبات تصل لحد الشطب من سجلات النقابة والحرمان من ممارسة المهنة".

مع ذلك، أكد صالح أنه "للأسف كثير من هذه الجرائم لا يتم كشفها لأن الأهل يقومون بإجرائها فى الخفاء، ولا تستطيع الطفلة أن تبلغ عما حدث معها من أقرب الناس إليها".