الخميس 18 أبريل 2024
توقيت مصر 09:04 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

في الصحافة والحياة..

محمد الصاوي

منعتني ظروف صحية طارئة من حضور أحزان قريتي "أسمنت" غربي النيل ما بين الأقصر وقنا على فقيدهم الكبير الشيخ محمد الصاوي، لكني كنت عن بعد في قلب هذه الأحزان. إنكسار في القلب وجبال من معاناة الفقد ووطأة الخسارة وغياب شخصية غير عادية.
ليست الشخصيات المؤثرة هي فقط التي عاشت في بؤرة أضواء الإعلام والشهرة، فكم من أشخاص بعيدين تماما عن تلك البؤرة وما حواليها، يتركون بغيابهم فراغا كبيرا لا يستطيع أحد أن يشغله بسبب مواهبهم الفطرية التي من الله عليهم بها.
محمد الصاوي واحد من هؤلاء، رجل مصالحات يتفق عليه الجميع، مجلسه محبب إلى من يقصده، محدث لبق، وروح مرحة لا تنحني أبدا أمام المصائب، كان خطيب مسجد قريته العريق في شبابه، وورث عن أبيه المأذونية الشرعية كما ورث عنه العلم والأخلاق والفقه والتفاف العائلات، وهو ما ظل الشيخ محمد يورثه لأولاده مع حرصه على تعليمهم تعليما أزهريا ودينيا وشرعيا نابعا من قيادته لأول معهد أزهري غربي النيل في منطقته.
بين الشيخ محمد الصاوي وبين آل الشيخ الطيب في القرنة أواصر  حب موروثة أيضا من أيام العارف بالله الشيخ الطيب الكبير والعارف بالله الشيخ الفقيه المالكي الخلوتي علي بن محمود الأسمنتي جد محمد الصاوي.
أتذكر عندما كنت في زيارة خاطفة للشيخ محمد الطيب والد شيخ الأزهر ومعي زميلي الصحفي محمد خضر ، أن سألني عندما عرف أنني من أسمنت عن الشيخ الصاوي والد محمد، هل ما زال على قيد الحياة، ذلك في ثمانينيات القرن الماضي.
وكأن تلك العلاقة تستمر بالوصية والوراثة ظل الابن محمد محببا وقريبا من الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب وشقيقه الشيخ محمد الطيب.
أفاضل الناس كالشجرة المباركة، تختفي فروعها، لكن جذر ها ثابت ، يمدها بالحياة المستمرة على درب أسلافهم ومكارمهم وعلمهم وأخلاقهم. وهكذا استمرت ساحة الشيخ الطيب وعلم الشيخ علي الأسمنتي وبيت الشيخ الصاوي.
بوركت هذه البيوت وحفظها الله من الزوال.